هل سيقول التيار للحزب، لا تراجع عما طالب فيه الوزير باسيل، وإلى أين تتجه الأمور.
بقلم ناجي أمهز
العصر-لقد بدأت معكم بسلسلة من المقالات بمحاولة لاطلاع السياسيين والشعب على كل ما يجري داخليا ودوليا، مع علمي المسبق بأن غالبيتكم يعرف أكثر مني،
المقال الأول نشر في 3 – 12 – 2022 وحمل عنوانا: السيناريو الشبه كامل للانتخابات الرئاسية وموعد حصولها ومن هو الأكثر حظا فيه، وبالفعل جاء نص المقال مطابقا للواقع الداخلي والدولي، وما سيجري وتقريبا موعد انتخاب الرئيس.
ثم في 5 – 12 – 2022 نشرت المقال الثاني والذي حمل عنوانا: الشيعة لا مكان لهم في لبنان، مش لو معهم مائة ألف صاروخ ولو امتلكوا مائة قنبلة نووية، وكانت الغاية من هذا المقال هو التمهيد للرأي العام الشيعي ما هو قادم عليهم، وأيضا تبين بعد الهجمة الإعلامية من حلفاء الحزب وأيضا من أعداء وخصوم الحزب وحتى الشيعة المعترضين على الحزب، والشلل الذي أصاب الإعلام الذي هو مدعوم من الحزب في صد الهجمة، أن كل كلمة في هذا المقال كانت بمكانها.
وفي 12 – 12 – 2022 نشرت مقالا حمل عنوانا: المارونية السياسية انتصرت سياسيا على طيبة الحزب، وكانت الغاية من المقال توضيح آلية تعاطي الحزب سياسيا مع حلفائه بعيدا عن مبدأ الربح والخسارة، إضافة أنني أردت أن أرد على الموجة الكبرى التي اجتاحت لبنان إعلاميا وسياسيا تتحدث عن حوار ماروني ماروني، وربما أنا الوحيد الذي قال الآن لا يوجد حوار ماروني ماروني بين التيار وبقية الفرقاء، وأيضا اليوم نشرت الصحف بأنه حقيقة لا يوجد حوار، مما أكد دقة المقال.
اليوم اكتب لكم المقال الاخير في هذه السلسلة، كي لا يقول احد إنه فوجئ ويفتح فاه مستغربا مستعجبا، لقد وصلنا إلى هنا، وللأسف هذه ضريبة التفاهمات، التي يقال عنها وفيها (ما لنا لنا، وما لكم أيضا لنا، لأن الذي لكم لا تريدونه في الدنيا بل في الآخرة) ولكل امرئ ما نوى، فالحزب يريد أن يمارس السياسة بكل صدق، وهمه أن يحافظ على الشراكة بعيدا عن الأثمان المالية وما يقدمه من خدمات في السياسة والانتخابات، والطرف الآخر يريد أن يمارس السياسة كما يعرفها هو، (لا توجد عداوة دائمة أو صداقة دائمة، توجد مصالح دائمة) ويجد أنه من حقه الطبيعي أن يستفيد من كل ثانية يضع فيها يده بيد الحزب لأنه مؤمن بأن الحزب بحاجة إليه، وأنه كما هو لا يعارض الحزب فيما يتعلق بالحصة والمناصب الشيعية فانه يجب على الحزب ان لا يعارض ابدا اي طلب للتيار يتعلق بالامور المسيحية.
لا أريد أن أطيل كثيرا فالأيام القادمة ستكشف الكثير الكثير.
أنا لست خائفا على الشيعة، أصلا لا أحد قادر أن يلغي أحد في الشرق، أصغر طائفة لا يمكن لكل الدول أن تلغيها، لكن أخاف أن يقال إننا لم ننتبه إلى هذه النتائج السياسية، ولم نستفد من وقتنا وقوتنا وهذا الكم العظيم من التضحيات، لم نعرف أن نستغل فرصتنا التي هي من أعظم الفرص، للانطلاق نحو العالمية وبناء طائفة كما هي قوية بالحرب، أيضا مخضرمة محنكة هادئة تحقق بهدوئها كل أهدافها السياسية.
لكن الذي أعرفه أنني أشعر بالحزن والانزعاج معا، من هذه الأجواء القاتمة القادمة والتي كتبت عنها قبل سنوات، صدقوني لا يجوز كل هذا الاستقواء على الشيعة، وإن كان في السياسة كل شيء مباح لأنها فن الممكن، لكن الشيعة حتى في السياسة فإنهم يضعون قلوبهم أمام عقولهم.
اليوم أن وافق الحزب وبرضاه على دعم الوزير باسيل في مطالبه سيقال إن الحزب تراجع ورضخ لمطالب جبران، وربما سأل الجميع عن سبب ضعف الحزب أمام الوزير باسيل، إضافة كيف ستتم معالجة الموضوع مع بقية الحلفاء، وهل يشعر الحلفاء بأنه يجب عليهم التحدث بأسلوب الوزير باسيل مع الحزب كي يلزموا الحزب بما الزمهم فيه باسيل.
وبحال لم يوافق الحزب على مطالب الوزير باسيل، حتما سيكون هناك خطاب أشد قسوة من قاعدة وقيادات التيار التي شنت أكبر هجمة كلامية على الحزب منذ انطلاقة الحزب 1982، وكيف سيتم تعويض الوقت الذي عول فيه الحزب على تحالفه مع التيار، نحن نتحدث عن 16 سنة والحزب يعمل ليلا نهارا على دعم التيار بكل شيء، في عام 2009 لو لم يصب الحزب كل الأصوات الشيعية في جبيل والتي تجاوزت ال 8500 صوت لصالح للائحة التيار لكان فاز فارس سعيد وناظم الخوري على لائحة التيار، ودعم الحزب للتيار هو على مساحة التواجد الشيعي، فالشيعة بغالبيتهم ينتخبون التيار بسبب تحالفه مع الحزب.
الأمور معقدة ليس على الصعيد الشعبي أصلا اللبناني “بينسى شو تغدى”، إنما على مستوى من يراقب الأحداث دوليا، والذي يزين التصرفات بميزان مختلف عن الحسابات اللبنانية.
الفريق الثاني مقتنع أنه بحال الحزب لن يقف مع الوزير باسيل فيما يتعلق بمطالبه التي يجد أنها تخدم الحقوق المسيحية فإنه لا داعي لاستمرار هذه العلاقة والتفاهم، وإن كان التيار سيخرج خاسر في السياسة على كافة الجبهات وفي كل الأحوال، فإنه يفضل أن يخسر بين بيئته المسيحية وأن يحمل نفس خطابها، كونه لا يمكن البقاء دائما بحالة صراع معها، وفي الختام لم يحصل على شيء، وهم يرون من وجهة نظرهم أن هذه التصرفات في السياسة تصب في مصلحة الوطن، ولا أحد يهول عليهم أو يربحهم جميلة، وكان الوزير باسيل واضح عندما حذر من العودة الى ما قبل 2005 ، ويرددون كنا افضل حال، فقد واجهوا الجميع وكانوا بمفردهم، واليوم مستعدين لمواجهة الجميع وبمفردهم.
وايضا اي حزب او تيار لا يجد قضية يتبناها، حتما سيخف بريقه ويفقد مناصريه، وكما كل القوى لديها قضية تحافظ على استمرارهم يجب ان يكون للتيار قضية، واليوم لا يوجد السوري، وهم غير قادرين على مواجهة الاحزاب المسيحية، وبحال منكافة المكون السني فان غضب الدول العربية صعب هذه الايام وخاصة ان الكثير من رجال الاعمال الموارنة يستثمرون في الدول العربية، فلم يبق أمامهم إلا الحصول على السلطة او مناكفة المكون الشيعي، وبما أن مناكفة الرئيس بري صعبة للغاية وربما مستحيلة ومن دون مردود داخلي او دولي، تبقى…