أحدث الأخبارشؤون امريكية

هل منطقتنا بحاجة للديمقراطية الأمريكية؟

مجلة تحليلات العصر - الحسين أحمد كريمو

لقد شهدنا وشهد العالم أجمع ما جرى بأمر، وتخطيط، وإدارة مباشرة من الرئيس الأمريكي الساقط “دونالد ترامب” لعملية اقتحام قلعة الديمقراطية الأمريكية، التي تُسوَّق على أنها النموذج الأمثل، والمثال الأكمل، والنظام الأفضل الذي توصلت إليه البشرية عبر تاريخها الطويل، ولذا قال منظِّروها: “بأنها نهاية التاريخ”، كما ادَّعى فوكوياما في نهاية القرن الماضي..
ولقد فَرح الغرب بزعامة أمريكا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، لأنه ظهر له أن الليبرالية والسوق الحر هي النظام الأمثل في الاقتصاد، والديمقراطية هي الأفضل في السياسة، وأمريكا هي قبلتهم جميعاً، حيث تجمَّع فيها كل المجرمين والقَتلة الهاربين من العدالة في أوربا خاصة..
والديمقراطية؛ وهي نظام الطبقة الفاسدة في أصلها اليوناني القديم، تلك الكذبة التي يُحاولون أن يُسوِّقوها إلى الشعوب والأمم، مقترنة مع الثقافة، وطريقة العيش الأمريكية، البرَّاقة واللَّماعة على الطريقة الهوليودية الداعرة، وهي العولمة بمعناها الظاهر ولكنها الأمركة بمعناها ومبناها الخفي..
واليوم جاءت الحقيقة ناصعة، واضحة وضوح الشمس؛ إنها ثقافة الكوبوي، ورعاة البقر أيها السادة، هي ثقافة القتل وإبادة الشعوب بدم بارد، فقد أبادوا الهنود الحمر، واستعبدوا الأفارقة السود ومازالوا كذلك لأنهم يرون أنفسهم “شعب الله الأبيض، المختار” فهم بقايا الفكر اليهودي البشع..
إنها ثقافة الطغاة، وحياة الجبابرة والمجرمين، الذين لا يُعيرون قيمة لأحد غير أنفسهم، ولا لشيء إلا تسلطهم، إنها النمردة البابلية العراقية، والفرعنة المصرية، والعنصرية الهتلرية الألمانية، والغطرسة الترامبية الأمريكية، وكلها تنبع من نبع واحد هي النفس الأمارة وجنون العظمة..
فما أعظم، وأجمل، وأجل، وأكمل القرآن الحكيم الذي حدَّثنا عن الجذور النفسية لهؤلاء الطغاة في آياته الحكيمة، عن نمرود خليل الرحمن إبراهيم (ع)، وعن فرعون كليم الله موسى (ع)، وعن يهود السيد المسيح (ع)، وعن طغاة قريش وعنادهم لحبيب الله محمد (ص)، تلك هي النماذج التي حدثنا عنها كتاب ربنا سبحانه وتعالى ليُنبِّهنا من هؤلاء الطغاة الجبارين، الذين همَّهم إبادة الأحياء، وقتل الحياة، فهم شياطين الإنس المجرمين..
فهل نعتبر ونعترف ونبحث عن الحل الأمثل لكل مشاكلنا في قرآننا الحكيم لا أن نلهث خلف سراب ديمقراطية ترامب الزائفة؟ كما يفعل الآن معتوهينا فيما يُسمون أنفسهم بالحكومات وما هم إلا بيادق بيد الطاغية تراب وصبيه المدلل كوشنير، الذي يأمرهم فيخضعوا له ويُنفذوا أوامره كأنهم صبيان عنده، أو موظفين في دائرته، ونسوا أنفسهم أنهم ملوك وحكام ورؤساء، ولكن كل هذه الصفات تنطبق عليهم بالنسبة لشعوبهم الفقيرة البسيطة الذين سلَّموا لهم زمام أمورهم، ووثقوا بهم فخانوا البلاد والعباد، والأوطان والرحمن.
لماذا تُهرولون إلى أحضان العدو وتُراهنون على حصان خاسر، وحمار ساقط من بعده، أما آن لكم أن تعرفوا الحق والحقيقة وترجعوا إلى أنفسكم وبلادكم، وتحتفظوا بمقدراتكم فإن سيدكم سقط، ولن يحميكم من شعوبكم التي سرقتموها ثم خنتموها بأبشع طريقة لأنكم بعتوها إلى الصهاينة بثمن بخس، مع كل ما يُرافقها من الذل والخضوع والمهانة والخشوع أمام أعدائكم؟
إلى أين تُهرولون أيها الأغبياء، إلى أحضان الأدعياء، وأعدائكم لتُلقوا بأنفسكم في أحضانهم الداعرة، أما من رادع يردعكم، ولا مانع يمنعكم من الإقدام على هذه الخطوة “التطبيع”، بل هي “تركيع” لكم أمام الكيان الذي دنَّس القدس، وغصب الأرض، وقتل الأهل، فهل أنتم بحاجة إليهم أم هم بحاجة إليكم، يا لكم الويلات فهؤلاء يموتون جوعاً لولا أموالكم ونفطكم وغازكم وخيرات بلادكم.
يجب أن نقف مع أنفسنا ونصدق مع ديننا وكتاب ربنا أيها الأحباب؛ لأننا لسنا بحاجة إلى تلك الدعايات الفارغة والديمقراطية المجرمة التي انكشف زيفها، وظهرت عورتها لشعوب الأرض جميعاً، فمنطقتنا وبلادنا وشعوبنا ليسوا بحاجة إلى تلك الثقافة التافهة لأنه لدينا ثقافة أجمل من السماء، وأطهر من الماء، هلا عرفتم ذلك؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى