هل نتفاءل بعودة الاتفاق النووي؟

صالح القزويني
العصر- مع تأكيد جميع أطراف الاتفاق النووي وخاصة (ايران وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) بتمسكهم بالاتفاق؛ فان الطرف الوحيد المقصود بالعودة هو الولايات المتحدة الأميركية.
▪️وينبغي الاعتراف بأن الاتفاق دخل الموت السريري منذ انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب منه وحتى اليوم، اذ لم تكتف ادارة ترامب بل وحتى ادارة بايدن بفرض عقوبات على ايران وانما فرضتا عقوبات ضد كل من يتعامل معها.
▪️من هنا تتجلـــى أهمية المعنى الثاني من العودة للاتفاق النووي وهي عدم الاكتفاء باعلان الاطراف تمسكها بالاتفاق وانما ينبغي العمل به وتنفيذ بنوده، وهذا بالتحديد ما تأخذه ايران على الطرف الغربي من الاتفاق وبالتحديد الترويكا الأوروبية، فتقول طهران ان واشنطن وجهت ضربة قاصمة للاتفاق بخروجها منه وفرض عقوبات عليها، كما ان الغرب وخاصة الترويكا انساقت وراء واشنطن والتزمت بالعقوبات الأميركية ضد ايران بدل أن تتمرد على القرار الأميركي، وأكتفت بالاعلان عن تمسكها بالاتفاق.
لاشك أن الطرف الآخر بدوره لديه مآخذ على طهران ويبرر سياسته ضدها بأنها لم تلتزم ببنود الاتفاق، بينما تعلن ايران بصراحة وشفافية مطلقة بأنها خفضت التزامها ببنود الاتفاق ردا على تنكر الطرف الآخر لبعض بنوده وفي مقدمتها التزام الطرف الأوروبي بالعقوبات الأميركية ضد ايران.
🔸زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل غروسي لايران والتصريحات الوردية التي أطلقها في طهران وفي فيينا على هامش اجتماع مجلس حكام الوكالة، بعثت الآمال باحياء الاتفاق النووي من جديد، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على العملة الايرانية التي بدأت تنتعش وتستعيد جزءا ضئيلا جدا من قيمتها التي فقدتها خلال الأشهر الأخيرة.
▪️عودة الاتفاق النووي على الرغم من انه في متناول اليد ولا يحتاج الا الى قرار أميركي وأوروبي بالغاء كافة العقوبات عن ايران وعودة طهران الى الالتزام ببنوده؛ إلا أن الشروط التي يفرضها كل طرف عقدّت عملية العودة للاتفاق وجعلتها محفوفة بالعديد من التحديات، ومن بين هذه التحديات:
أولا: إبقاء بعض العقوبات على ايران، الأمر الذي يتعارض مع روح الاتفاق والتعاون، ومن المؤكد ان ابقاء العقوبات يدفع ايران الى اتخاذ مواقف واجراءات مماثلة مما يؤدي الى توتر العلاقات بين الطرفين وانهيار الاتفاق.
ثانيا: استخدام الوكالة كأداة للضغط على ايران وابتزازها وارغامها على تقديم التنازلات عبر اثارة وتوجيه الاتهامات لها، الأمر الذي طالما سعت طهران لوضع حد له وانهاءه ولكن دون جدوى.
ولا نخفي سرا اذا قلنا أن أحد الأسباب الرئيسية للقطيعة التي وقعت بين ايران والوكالة هي ان طهران طالبت بتسوية كافة الملفات العالقة بينها وبين الوكالة دون رجعة، ولكن هناك ارادة غربية بابقاء الملفات مفتوحة ليتم استخدامها عند الحاجة، الأمر الذي ترفضه ايران.
ثالثا: القرار الذي أصدره البرلمان الايراني في تشرين الثاني 2020 والذي يمنع الحكومة الايرانية من استئناف العمل باالبروتوكول الاضافي لمعاهدة الحد من الانتشار النووي دون الغاء العقوبات.
🔸✨. ايران أبدت حسن نيتها ومرونة عالية في التعاون مع الوكالة، ولكن اذا وصلت الى قناعة أن الطرف الآخر استخدم سياسة كسر العظم من خلال عودة التعاون مع الوكالة، ولا يريد الغاء العقوبات فانها ستوقف أي اجراء اتخذته في اطار الاتفاق مع غروسي والوكالة.
🔸باحث في الشأن الايراني