هل نجاح مفاوضات فيينا والتقارب السعودي الإيراني سيعزلان إسرائيل
مجلة تحليلات العصر الدولية - إسماعيل النجار
وأخيراً رَتَّب جو بايدن أوراقه الدولية على طاولة مكتبه البيضاوي، وأصطَفَّت الأولويات حَسَب التراتبية الإقتصادية والعسكرية والأمنية والسياسية، فتقدمَت أولويات المواجهة الأميركية الإقتصادية مع الصين، تَلَتها المواجهة السياسية مع روسيا،
فقررت واشنطن إزالة العقبات التي تحول دون تفَرُغها الكامل لهاذين الملفين والمتمثلة بالخروج من الملف النووي الإيراني، فقدَّمَ بايدن التهدئة معها على الصدام وأعطى تعليماته للوفد المفاوض بوجوب الإسراع بالحل، وتوجيه شركائه السعوديين وغيرهم بتغيير لهجة التصعيد مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإستبدالها بطروحات سياسية سلمية وَدودَة تُبَرِّد الأجواء بين الطرفين وتُرَطِبها، كما دعا للتهدئة في اليَمَن وليس إلى وقف إطلاق نار شامل ونهائي يشمل رفع الحصار وإعادة الإعمار والدعوة الى حوار يمني يمني سياسي،
فسارع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى إجراء حوار تلفزيوني بثته محطة أل LBCI السعودية دعا خلاله (الدب الداشر) جارته إيران إلى التفاهم مع المملكة وأكدَ على مصالح البلدين المشترَكة، فقابلت إيران تحيته بأحسن منها وصرَّحَت عبر الناطق بإسم الخارجية الإيرانية بأنها دوماً كانت السبَّاقة في الدعوة لهذا الحوار وحل الخلافات من خلال التفاهم بين البلدين وشددت الخارجية على ضرورة إحياء مبادرة هرمز للسلام والتعاون مع جيرانها العرب.
**بايدن هَدَفَ من خلال ترتيب أولوياته إغلاق عدة نوافذ تدخل منها الرياح الى البيت الأبيض كالملف النووي وإعادة التموضع والإنتشار في المنطقة ومسألة الإنسحاب التدريجي من أفغانستان، لكي يتسنَّى له الوقت الكافي للتصدي للتمدد الروسي في الشرق،
والتحدي الإقتصادي الصيني الكبير لها وفرض واقع جديد في بحر الصين الجنوبي من أجل إشغال بكين لسنوات طويلة وإبعاد شبح السيطرة الإقتصادية لها على الأسواق العالمية.
**خطوات أميركية لَم تُرضي ولَم تُقنِع شريكتها الإستراتيجية إسرائيل، التي إعترَضَت علناً على مسألة التقارب الأميركي الإيراني في الملف النووي وأعتبرته خطوة خطيرة تصُب في مصلحة طهران السياسية تعطيها دفعاً كبيراً بإتجاه إعادة بناء ذاتها مالياً وإقتصادياً والتمدد أكثر في منطقة الشرق الأوسط من خلال دعم الفصائل والقوى الموالية لها مادياً كحزب الله وحماس وغيرهما جَرَّاء البحبوحة المادية التي ستنعَم بها الجمهورية الإسلامية نتيجة رفع العقوبات عنها وسينعكس الأمر أيضاً على دمشق شريكة طهران الإستراتيجية في الصراع معها وهذا أمر تنظر إليه تل أبيب بعين الغضب كونها تعاني من طَوق صاروخي مُدَمر لكيانها، حاولت منع إكتماله ووصوله الى الضفة الغربية من خلال تعطيل الإنتخابات النيابية الفلسطينية التي كانت مقررة الشهر المقبل والتي كانَ من المؤكد فوز حلفاء إيران فيها وتشكيل حكومة وانتخاب رئيس للسلطة معادٍ لها قد يقلب الطاولة وينسف المفاوضات برمتها بعد إن أصبحت السلطة الفلسطينية واقعاً مُرَّاً على أرض فلسطين يصعُب حَلَّها وعودة إحتلال الضفه والقطاع لما يترتب على هذه الخطوة من مخاطر قد تشعل حرباً تنتهي بزوال إسرائيل.