هنية يستدعي ثقلا دوليا لضمان نجاح العملية الانتخابية
مجلة تحليلات العصر الدولية - عماد عفانة
شكل لقاء رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس اسماعيل هنية أمس، في العاصمة القطرية الدوحة، بسفراء أربع دول كبيرة ووازنة في المنطقة والعالم، قفزة دبلوماسية مدروسة، في توقيت مناسب، الأمر الذي يعبر عن أداء متصاعد للمؤشر السياسي لحماس، الأمر الذي يرتقي الى مستوى المرحلة التي تخطط حماس لتبوؤها في تمثيل الشعب والقضية الفلسطينية، بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية والبرلمانية الفلسطينية المرتقبة خلال الأشهر القريبة القادمة.
لقاء دبلوماسي رفيع، يصب في خانة محاولات احداث توازن سياسي خلاق، في مواجهة محاولات حشر حماس في قوائم الارهاب، أو تصنيفها ضمن محاور معينة.
وبنظرة تحليلية إلى الدول الأربعة التي التقى هنية بسفرائها، نجد أن لها تقاطع مصالح كبير، في الحفاظ على علاقات وثيقة مع أكبر حركة مقاومة فلسطينية، وأكثرها تأثيرا في مجريات الأحداث في الساحة الفلسطينية.
– روسيا وفي اطار الندية للتفرد الأمريكي، حريصة على فتح خطوط تواصل مع مختلف مكونات المنطقة الهامة، وقواها السياسية الفاعلة، ومنها حماس دون الخضوع للتصنيفات الأمريكية لهذه القوى، ضمن محاولات الحفاظ على وتفعيل حضورها ودورها الفاعل في رسم سياسات وتوازنات المنطقة التي بات لها فيها قواعد عسكرية وحضور مؤثر، فقد استقبلت العاصمة الروسية كثيرا من وفود حماس وقياداتها.
– تركيا القطب الأوروآسيوي السياسي والعسكري الصاعد، ذات الارث الامبراطوري العريق، والتي تنتمي لأمة تحتل فلسطين مكانة مرموقة في رأس سنامها، تفتح أبوابها لقيادة حماس للعمل السياسي على أراضيها، حرصا منها على توفير منصة آمنة لها للاتصال والتواصل مع مختلف المكونات والانظمة السياسية الفاعلة والمؤثرة في المنطقة والعالم، بما يصب ويحقق المصالح الفلسطينية في مواجهة الصلف الصهيوني المدعوم من دول الغرب الاستعماري القديم والجديد، وبما يضمن لتركيا دور مقرر في مواجهة الندية الصهيونية في اطار حرب الطاقة والنفوذ التي تجتاح المنطقة.
– أما ايران، فهي التي تجاهر بدعم المقاومة الفلسطينية سياسيا وماديا، وتتمتع بعلاقات قوية مع حماس التي لا تترك فرصة دون توجيه الشكر للجمهورية الاسلامية التي لا تبخل على المقاومة الفلسطينية بالدعم بالمال والسلاح، الأمر الذي يمنح ايران فرصة لتتطهر بنهر المقاومة الفلسطينية المشرف، فضلا عن ضمان صوت وفعل مؤثر في قرار الحرب والسلام في المنطقة.
– أما جنوب أفريقيا، الجمهورية المسالمة، فقد سجلت مبكرا دعمها للقضية الفلسطينية، ولحق الشعب الفلسطيني في التحرر واقامة دولته المستقلة على أرضه الحرة، كيف لا والشعب الفلسطيني يتشارك وجنوب أفريقيا في ما عانت منه من احتلال وظلم وتمييز عنصري سطره التاريخ في صفحات العار الانساني.
إذا هو أكبر من لقاء مع سفراء دول لا تسير في اغلبها في الفلك الامريكي ، ويبعث برسائل سياسية بالغة الأهمية في هذه المرحلة التي تشهد تطورات هامة في المشهد الفلسطيني، في ظل الانتخابات الفلسطينية المقبلة.
وضع سفراء هذه الدول في صورة تطورات المشهد الفلسطيني والانتخابات الفلسطينية القادمة، كان يمكن أن يتم عبر رسائل دبلوماسية، لكن هنية اختار اللقاء بهم مجتمعين، للدلالة على حجم التحديات والمخاطر التي قد تواجه العملية الانتخابية، وللتأكيد على استدعاء ثقل هذه الدول في ميزان العلاقات والتأثير الدولي، للقيام بدورهم المأمول لضمان إنجاح الانتخابات بمراحلها الثلاث.
الأمر الذي يعكس حجم مراهنة حماس على هذه الانتخابات، لجهة تغيير بل قلب صورة المشهد الفلسطيني ايجابيا، بما يضمن تمثيلا فلسطينيا حقيقيا، ومشاركة فاعلة من الكل الوطني، لأن خطورة المرحلة لم تعد تحتمل مزيدا من الفرقة والتشرذم، أو العودة للمراهنة على مسار المفاوضات العبثية، الذي اثبت فشله على مدار ربع قرن من التيه السياسي.
إحساس حماس بالمخاطر الجسيمة التي تهدد القضية الفلسطينية، كان يستدعي من حماس إظهار موقفها بكل وضوح وجلاء من الحرص على الوحدة الداخلية، والاستمرار في نهج “المقاومة”.
ولم يفوت هنية الفرصة لاطلاع السفراء على حيثيات انطلاق العملية الانتخابية الداخلية لحماس، بهدف تجديد مؤسساتها ومجالسها الشورية والتنفيذية كافة، الأمر الذي يعكس حيوية الحركة وفاعليتها، وديموقراطيتها المتأصلة، الأمر الذي يضفي ثقة اضافية بمصداقية حماس ورغبتها بأن ينسحب هذا الجو الديموقراطي الهادئ على الواقع الفلسطيني، بما يحقق مصالح الشعب والقضية.