هيل «يطلب» رئيسَ وزراء يحظى بدعم شعبيّ: اللعبة انتهت! (الأخبار)
مجلة تحليلات العصر الدولية
في موازاة زحمة «الجيوش الأجنبية»، سادت زحمة جولات دبلوماسية يوم أمس، أبرزها زيارتا وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ووكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل. ظريف عبّر عن أمله بأن يكون لبنان ساحة تلاقٍ إقليمي ودولي لا ساحة صراع، فيما ركّز هيل على ضرورة تغيير نهج الحكومات السابقة لأن «اللعبة انتهت»، مشدداً على ضرورة أن يحظى رئيس الحكومة المقبلة بـ«دعم شعبي»
لم يكد طرح تأليف حكومة حيادية يخرج الى العلن من باريس نيابة عن واشنطن، ولتكرره أحزاب القوات اللبنانية والاشتراكي والكتائب وبعض المجتمع المدني الدائر في فلكها، حتى دُفن سريع، ولا سيما بعد وصف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لحكومة الحياد يوم أمس، بـ«مضيعة للوقت وخداع لتجاوز التمثيل السياسي». هكذا، عاد النقاش الى حكومة الوحدة الوطنية «المحمية سياسيا» والتي كانت القوى السياسية قد بدأت تشاوراً أوّلياً حول طريقة تأليفها عقب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وفيما جرى الحديث عن إصرار أميركي على «الحياد»، لم يكن مطلباً مطروحاً خلال جولة وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل على عدد من المسؤولين اللبنانيين. لكن التركيز الأساسي لهيل تمحور حول ضرورة تغيير النهج السابق المعتمد في الحكومات الماضية، مشيراً الى أنه بالنسبة إلى ذلك النهج: Game is over. وقد ردّد هيل على مسامع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، كلام ماكرون نفسه من ناحية: «ساعدوا أنفسكم حتى نساعدكم»، مشيراً الى أن الأوضاع كانت لتكون أفضل لو تم تنفيذ جزء صغير من الوعود الإصلاحية على مرّ السنين. لذلك لا بد اليوم، وفقاً للزائر الأميركي، من الحفاظ على التعاطف الدولي والدعم غير المسبوق الذي حظي به لبنان غداة انفجار المرفأ، والمطلوب استغلال هذا الالتفاف الدولي. أما أولى الخطوات المفترض إنجازها فتتجلى في تأليف حكومة «ذات نهج مختلف عن سابقاتها، بمعنى تنفيذ إصلاحات واسعة سريعة بعيداً عن الكلام»، فيما ثانيها، التركيز على اختيار «رئيس حكومة يحظى بدعم شعبي بعد أن أثبتت تجربة التكنوقراط فشلها في أداء دورها كتكنوقراط، إضافة الى ضعفها شعبياً، لأن لا قاعدة داعمة لرئيسها». ومن الصعب فهم كلام هيل في ما خصّ شعبية رئيس الحكومة سوى أنه إشارة إيجابية باتجاه الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري «أو من يدعمه الحريري»، بحسب أحد الذين التقوا المسؤول الأميركي. رغم ذلك، ما زال الفيتو السعودي على اسم الحريري قائماً، إذ تعتبر المملكة أن الأخير بات ملتصقا بحزب الله. لكن الضوء الأخضر الأميركي، إن توافر في الفترة المقبلة، فسيطيح حكماً هذا الفيتو.
صندوق النقد الدولي يبلغ وزير المالية أن في إمكان لبنان الحصول على 270 مليون دولار
من ناحية أخرى، تطرّق بري في حديثه مع هيل إلى إمكان إعفاء لبنان من تبعات قانون قيصر، لافتاً الى نقاش بينه وبين الملك الأردني قبل أشهر، ووزير الخارجية الأردني قبل أيام، لتزويد لبنان بالكهرباء عبر سوريا. فأبدى هيل استعداداً لدراسة هذا الموضوع.
في سياق آخر، طُرح مسار ترسيم الحدود، فاكتفى هيل بالقول إنه «فرصة يحتاج إليها لبنان كما المنطقة»، فيما رفضت مصادر مقرّبة من بري الكشف عمّا دار بشأن هذه النقطة تحديداً. الدبلوماسي الأميركي الذي التقى كلاً من رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب والحريري، اختتم جولته مساء أمس بعشاء لدى جنبلاط، ويفترض أن يلتقي اليوم كلاً من رئيس حزب القوات سمير جعجع والكتائب سامي الجميّل. وأشار في بيان وزعته السفارة الأميركية الى «مواصلة الاستماع غداً (اليوم) إلى مجموعة واسعة من المجتمع اللبناني، بما في ذلك المجتمع المدني والناشطون والشباب، للاستماع إلى كل وجهات النظر والأفكار حول الطرق الآيلة إلى إحداث تغيير جاد الذي يطالب به الشعب اللبناني بإلحاح».
في زيارته الى قصر بعبدا، شكر وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية الرئيس عون على «موافقة لبنان على استقبال فريق من مكتب التحقيق الفيدرالي FBI للمشاركة في التحقيقات التي يجريها القضاء اللبناني». وأوضح ضرورة تحقيق الإصلاحات والمضيّ في مكافحة الفساد، كمدخل «لفتح الباب أمام تحرير أموال مؤتمر سيدر والتعاون مع صندوق النقد الدولي».
في موازاة ذلك، تلقّى وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني اتصالاً من الصندوق لإبلاغه بإمكان استخدام لبنان لنحو 270 مليون دولار كجزء من «حصته» في الصندوق. ولم يتضح إذا ما كان لبنان سيحصل على هذا المبلغ على شكل قرض أم أنه استخدام لجزء من مساهمته في الصندوق.
وقد حفل يوم أمس، الى جانب هيل، بزحمة زوار عرب وأجانب، من بينهم وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ووزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي. وبينما كررت الأخيرة كلام هيل نفسه عن الإصلاحات والإسراع في تأليف الحكومة، أبدى ظريف استعداد بلاده لـ«التعاون في مجالات الصحة والطاقة والكهرباء والمحروقات»، مؤكداً جاهزية إيران «لتزويد لبنان بالزجاج وبمتطلبات إعادة إعمار المنازل والممتلكات المتضررة». وأكد في لقاءاته أنه يمكن للبنان أن يكون «ساحة تلاقٍ إقليمي ودولي بدل أن يكون ساحة صراع بينهما». من جهته، أطلع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان، يان كوبيتش، الرئيس عون على «المداولات التي حصلت في مجلس الامن منذ أيام بشأن التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب»، مشيراً الى أن «النقاش كان إيجابياً وأن الرسائل التي وجّهها الرئيس عون حول هذا الموضوع ونقلت الى أعضاء مجلس الامن كان لها التأثير الإيجابي في سير المداولات». ولفت الى بدء فرنسا العمل على «إعداد مسوّدة أوّلية لقرار مجلس الامن التمديد لليونيفيل، سيجري التشاور في شأنها مع الدول الأعضاء في المجلس، بالتنسيق مع مندوبة لبنان الدائمة في نيويورك السفيرة أمل مدللي».